اقسام القانون أو القاعدة القانونية (القاعدة القانونية الآمرة, القاعدة القانونية المكملة)

أقسام القاعدة القانونية: القاعدة القانونية الآمرة والقاعدة القانونية المكملة

أهلاً وسهلاً بكم أصدقاء ومتابعي آن مكس, سوف نتطرق اليوم إلى تكملة المقال الذي يشرح اقسام القانون، حيث تطرقنا في المقال السابق إلى تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص، وفي المحاضرة التي قبلها تطرقنا إلى علاقة القانون بالقواعد والعلوم الإجتماعية الأخرى, ونذكر أننا بمقال آخر تطرقنا إلى ماهية القانون, أو تعريف القانون, وخصائص القانون أو خصائص القاعد القانونية التي تتمتع بها.

تعريف القواعد الآمرة والقواعد المكملة

أولاً: تعريف القواعد الآمرة

يقصد بالقواعد الآمرة” القواعد القانونية التي لا يجوز للأفراد مخالفتها أو الاتفاق على عكسها” فهذه القواعد تتعلق بكيان المجتمع، وكل اتفاق على مخالفتها يكون باطلاً.

ومن الأمثلة على القواعد الآمرة:

  1. نص المادة(57/1) من القانون المدني والتي جاء فيها ” ليس لأحد النزول عن أهليته أو التعديل في أحكامها” فهذا النص يحرم على الشخص النزول عن أهليته، وفي حالة نزول الشخص عن أهليته لا يعتد بهذا النزول.
  2. القواعد التي تجرم ارتكاب بعض الأفعال كالقتل والسرقة، فإذا اتفق شخصان على قتل ثالث أو سرقته فإن هذا الاتفاق يكون باطلاً.




   ثانياً: القواعد المكملة

يقصد بالقواعد المكملة” القواعد التي يجوز للأفراد مخالفتها أو الاتفاق على عكسها” فإذا اتفق الأفراد على مخالفة هذه القواد فإن اتفاقهم يكون صحيحاً أما إذا لم يوجد اتفاق بين الأفراد تطبق القواعد المكملة.

ومن الأمثلة على القواعد المكملة:

نص المادة (458/1) من القانون المدني والتي جاء فيها “يقتضي تسليم المبيع في محل وجوده وقت العقد، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك”  يتضح من النص أن الأصل أن يتم تسليم المبيع في محل وجوده وقت إبرام العقد، إلا إذا اتفق الأفراد على أن يكون التسليم في مكان آخر.

ويثار التساؤل هل تعتبر القواعد المكملة قواعد ملزمة على اعتبار أن الأفراد يمكنهم مخالفتها، في حين سبق وأن قلنا أن من أهم خصائص القاعدة القانونية أنها ملزمة فهل يوجد تعارض بين القولين؟

الحقيقة أن القاعدة المكملة قاعدة ملزمة بكل معنى الكلمة، وكل ما هنالك أن كل قاعدة قانونية يشترط لتطبيقها توافر الشروط المنصوص عليها فمن لا يقتل لا يعدم وذلك ليس لأن القتل غير معاقب عليه ولكن لأن شرط توقيع الإعدام هو القتل، وبالمثل في القواعد المكملة  يوجد شرط لتطبيقها وهو سكوت الأفراد عن مخالفتها، وعليه إذا تمت مخالفة القاعدة المكملة فإنه ينقص شرط من شروط تطبيق القاعدة.

معيار التفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة

يوجد معياران للتفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة  هما، المعيار الشكلي، والمعيار الموضوعي وفيما يلي نشرحهما بإيجاز:

أولاً: المعيار الشكلي (الطريقة اللفظية)

طبقاً لهذا المعيار فإنه يتم الرجوع إلى النص ذاته، فإذا تبين من عبارات النص وألفاظه ما يفيد الأمر أو النهي فإن القاعدة تكون آمرة ومن الأمثلة على ذلك نص المادة (57/1) من القانون المدني والتي جاء فيها “ليس لأحد النزول عن أهليته أو التعديل في أحكامها” واضح من عبارات هذا النص أنه يحرم على الشخص النزول عن أهليته.

أما إذا تضمنت عبارات النص وألفاظه ما يفيد جواز مخالفة القاعدة القانونية فإن القاعدة تكون من القواعد المكملة وغالباً ما يستعمل المشرع عبارة (ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك).

ثانياً: المعيار الموضوعي ( النظام العام)

طبقاً لهذا المعيار فإنه يتم النظر إلى مضمون القاعدة القانونية ومدى تعلقها بالنظام العام، فإذا كان مضمون القاعدة القانونية يتعلق بكيان الجماعة ومصالحها الأساسية كانت القاعدة آمرة، أما إذا كان مضمون القاعدة القانونية ينظم مصلحة خاصة بين الأفراد وليس فيها مساس بكيان الجماعة ومصالحها الأساسية كانت القاعدة مكملة.

ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في المادة (53) من القانون المدني بأن كل من بلغ سن ثماني عشرة سنة ميلادية ويتمتع بقواه العقلية يعتبر كامل الأهلية، أما من لم يبلغ هذا السن أو بلغه ولم يكن متمتعاً بقواه العقلية فإنه يعتبر عديم الأهلية أو ناقصها، فعبارات هذا النص لا تدل على أنها آمرة، ولكن مضمون النص يتعلق بكيان الجماعة ولذلك فالنص من القواعد الآمرة.




نخلص إذاً إلى أنه طبقاً للمعيار الموضوعي، أن القواعد الآمرة هي القواعد المتعلقة بالنظام العام، أما القواعد المكملة فلا تتعلق بالنظام العام وسنعرض بإيجاز لفكرة النظام العام.

  • مفهوم النظام العام

ليس من السهل تعريف النظام العام، وذلك لأن النظام العام فكرة مرنة تتغير بتغير الزمان والمكان، غير أن الفقهاء درجوا على تعريف النظام العام بأنه” مجموعة الأسس السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يقوم عليها كيان المجتمع”




  • ويقصد بالأسس السياسية القواعد التي تتعلق بتنظيم الدولة، وممارستها لسيادتها عن طريق سلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
  • ويقصد بالأسس الاجتماعية القواعد التي ترمي إلى كفالة الأمن والنظام والتضامن الاجتماعي في الدولة.
  • ويقصد بالأسس الاقتصادية القواعد التي تتعلق بتنظيم الانتاج القومي وتداول النقد…الخ.
  • ويقصد بالأسس الخلقية القواعد المتصلة بالأخلاق المستقرة في ضمير الجماعة.

وفكرة النظام العام تتغير بتغير الزمان والمكان، فمثلاً نظام الرق كان قديماً مباحاً لا يتعلق بالنظام العام، أما في الوقت الحاضر فقد أصبح متعلق بالنظام العام، وتعدد الزوجات مباح في الدول الإسلامية فهو لا يمس النظام العام، أما في بعض الدول فإن تعدد الزوجات محرم حيث يمس ذلك النظام العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!