التاجر: شروط اكتساب صفة التاجر للشخص الطبيعي
جدول المحتويات
التاجر
كما سبق القول لا يقتصر تطبيق قانون التجارة على العمل التجاري، بل يمتد أيضاً لتسري قواعده على كل من يكتسب صفة التاجر، نتيجة لذلك أهتم المشرع بالأشخاص الذين ينطبق عليهم هذا القانون محدداً مفهوم التاجر ومخضعاً من يكتسب هذه الصفة لأحكام خاصة ينفرد بها عن غيره حيث نصت المادة العاشرة من قانون التجارة الفلسطيني “يعتبر تاجراً:
1. كل من يزاول على وجه الاحتراف باسمه ولحسابه عملاً تجارياً، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
2. كل شركة تتخذ أحد الأشكال المنصوص عليها في قانون الشركات، أياً كان الغرض الذي أنشئت من أجله.”
يتضح من هذا النص أن صفة التاجر لا تقتصر على الشخص الطبيعي فقط، بل تمتد أيضاً إلى الشخص المعنوي كالشركات التجارية وعلى الرغم من خضوع كل منهم لنظام قانوني واحد من حيث الأصل إلا أن كل منهم يخضع لأحكام خاصة به، فالشخص الطبيعي يخضع لقواعد خاصة بأهليته وبحالته المدنية كشهر النظام المالي للزواج، بينما تخضع الشركات لقواعد خاصة تحكم تكوينها وإدارتها وانقضائها.
وفيما يتعلق بالتاجر سنتعرض للشروط الواجب توافرها لاكتساب صفة التاجر ولأهم الآثار المترتبة على اكتساب هذه الصفة، وذلك على النحو الآتي:
شروط اكتساب صفة التاجر
صفة التاجر محددة بواسطة القانون، بمعنى أن المشرع اشترط فيمن يريد اكتساب هذه الصفة جملة من الشروط، وتطبيقاً لذلك لا نكون أمام تاجر إلا بتوافر هذه الشروط، وهذه الشروط تختلف بحسب كون التاجر شخصاً طبيعياً أم شخصاً معنوياً، وتفصيل ذلك سيكون كما يلي:
شروط اكتساب صفة التاجر للشخص الطبيعي
لكي يكتسب الشخص الطبيعي صفة التاجر لا بد من توافر شرطين، وهما احتراف الأعمال التجارية والتمتع بالأهلية التجارية، وسنقوم بتسليط الضوء على هذين الشرطين على النحو الآتي:
الشرط الأول
احتراف الأعمال التجارية
يعتبر هذا الشرط هو الشرط الجوهري لاكتساب الشخص الطبيعي صفة التاجر طالما أنه أهلاً لذلك، أي يشترط فيمن يريد اكتساب صفة التاجر أن يكون مزاولاً للأعمال التجارية على وجه الاحتراف، والمقصود بالأعمال التجارية هنا الأعمال التجارية الأصلية، أما الأعمال التجارية بالتبعية فهي بالأصل أعمال مدنية واكتسبت الصفة التجارية لصدورها من تاجر، فكيف تكسب التاجر صفة التاجر، أما الأعمال التجارية المختلطة فكما سبق القول لا تعتبر نوعاً مستقلاً من أنواع الأعمال التجارية.
ويقصد بالاحتراف ممارسة الأعمال التجارية الأصلية بصفة مستمرة ومتكررة، بحيث يمكن اعتبارها مهنته الرئيسة التي يرتزق منها، وهناك جانب من الفقه يرى بحق أنه حتى نكون أمام احتراف ينبغي توافر عناصره المتمثلة بالاعتياد والقصد والاستقلال، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:
أولاً: الاعتياد
يعتبر بمثابة العنصر المادي للاحتراف، ويعني تكرار القيام بالأعمال التجارية تكراراً يأخذ طابع الاعتياد، أي على نحو متجدد ومستمر ومتتابع، وتطبيقاً لذلك تكرار القيام بهذه الأعمال الذي يأتي بشكل متفرق لا يكفي لاكتساب صفة التاجر، ولا يعني ذلك القيام بالعمل مئات المرات، بل يكفي أن يكون التكرار كافياً لاعتباره العمل الرئيس الذي يعتمد عليه الشخص في رزقه ودخله، وتطبيقاً لذلك الاحتراف يكون متوافر بالنسبة للشخص الذي يقوم بالعمل التجاري بصورة موسمية طالما أنه يقوم بهذا العمل بصورة منتظمة ومستمرة ويعتمد عليه كمصدر رزقه، ومثال ذلك تاجر الأقطان الذي يعتمد في معيشته على شراء القطن من المزارعين بقصد بيعه بالجملة، فبالرغم من وقوع هذا العمل مرات قليلة في موسم جني القطن إلا أن القائم به يعتبر محترفاً للتجارة.
ثانياً: القصد
يعتبر بمثابة العنصر المعنوي للاحتراف، ويقصد به أن يكون الاعتياد بقصد خلق مركز أو وضع معين، وهو الظهور بمظهر التاجر المحترف، وتطبيقاً لذلك لا يعتبر اعتياد مؤجر العقار سحب كمبيالات على المستأجرين بقيمة الأجرة احتراف يكسب صفة التاجر، لأنه لم يقصد الظهور بمظهر التاجر، كذلك إذا باع المزارع محصول أرضه مقدماً، ثم تبين أن إنتاج أرضه غير كاف لتلبية الكمية المطلوبة، فلجأ لتكملة النقص بالشراء من محاصيل المزارعين الآخرين فما قام به شراء لأجل البيع، ولكنه قام به عرضاً وبغير قصد، وبالتالي لا نكون أمام احتراف.
ثالثاً: الاستقلال
يقصد بعنصر الاستقلال ممارسة الشخص العمل التجاري باسمه ولحسابه دون تبعية لأحد، والعلة من اشتراط ذلك أن التجارة تقوم على الائتمان فمن يحترف التجارة عليه أن يلتزم بنتائجها وآثارها الإيجابية والسلبية كصاحب المؤسسة التجارية أو الشريك في شركة التضامن، وفي المقابل لا يكتسب العامل أو الموظف لدى صاحب المؤسسة أو المحل التجاري صفة التاجر على الرغم من امتهانه للعمل التجاري، ولكن لا يقوم به بشكل مستقل، وإنما بشكل تابع لصاحب المؤسسة أو المحل، أيضاً مدير الشركة أو الفرع لا يكتسب صفة التاجر إلا إذا كان شريكاً متضامناً.
هل يشترط في محل الاحتراف أن يكون عملاً تجارياً مشروعاً؟
اختلفت الآراء حول هذه المسألة، والرأي الذي نميل إليه لتوافقه مع قانوننا هو الذي يشترط أن يكون النشاط محل الاحتراف مشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة، ومن ثم صفة التاجر لا تثبت للشخص الذي يباشر نشاطاً غير مشروع.
وأخيراً نخلص إلى أنه لا يشترط لاكتساب صفة التاجر أن يكون حجم التجارة كبيراً، غير أنه كما سبق القول أحكام قانون التجارة لا تسري على الأشخاص الذين يزاولون حرفاً صغيرة ذات نفقات زهيدة يؤمن بها قوت يومه، كذلك لا يشترط لتوافر الاحتراف مباشرة الأعمال التجارية في شكل مشروع أو محل تجاري.
انتهاء الاحتراف
رأينا أن الاحتراف يبدأ باتجاه إرادة الشخص إلى مزاولة الأعمال التجارية بصورة مستمرة ومنتظمة، كذلك انتهاء الاحتراف يكون باتجاه إرادة الشخص إلى ذلك من خلال القيام بأعمال تدل على ذلك، كغلق المحل التجاري، أو يكون بوفاة الشخص المحترف، واعتزال التجارة أو وفاة التاجر يُفقد صفة التاجر بأثر فوري، بمعنى من وقت الاعتزال أو الوفاة يفقد حقه كتاجر أما نشاطه السابق فيظل نشاطاً تجارياً خاضعاً لأحكام القانون التجاري.
إثبات الاحتراف (صفة التاجر)
الأصل أن احتراف الأعمال التجارية لا يفترض ويقع عبء إثبات ذلك على من يدعي أن الشخص يحترف الأعمال التجارية، وله أن يسلك في سبيل إقامة هذا الدليل طرقة الإثبات كافة لتعلق الأمر بوقائع مادية فضلاً عن حرية الإثبات في المسائل التجارية.
إذا كان ما سبق يشكل أصلاً فلا بد من وجود استثناء عليه يتمثل بإضفاء صفة التاجر على الشخص في حالة معينة، رغم عدم احترافه للتجارة، وهي الحالة التي نصت عليها المادة (19) من قانون التجارة الفلسطيني، حيث نصت “تثبت صفة التاجر في الشخص الذي ينتحلها بالإعلان عنها في وسائل الإعلام أو بأية وسيلة أخرى، ما لم يثبت أن من انتحل الصفة المذكورة لم يزاول التجارة فعلاً.”
والعلة من هذا الاستثناء حماية من تعامل مع منتحل صفة التاجر وكان حسن النية، حيث تكون صفة التاجر مفترضة في منتحلها دون حاجة إلى إثبات.
الشرط الثاني
التمتع بالأهلية التجارية
يقصد بالأهلية كشرط لاكتساب صفة التاجر أهلية الأداء، أي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية، والأعمال التجارية تعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، ولذلك فإن القاعدة العامة بشأنها هي أن يكون الشخص بالغاً سن الرشد، وسن الرشد وفقاً للقانون الفلسطيني هو ثماني عشرة سنة بشرط أن يكون متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه لعارض من عوارض الأهلية.
فمن توافر فيه ذلك السن يستطيع مزاولة الأعمال التجارية دون تفرقة بين الرجل والمرأة، وسواء كانت المرأة متزوجة أم لا، لأن القانون لدينا جعل للمرأة ذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها تعطيها حرية الاشتغال بالتجارة دون حاجة لأذن، كذلك يستوي أن يكون وطنياً أو أجنبياً لا يحمل الجنسية الفلسطينية، حيث إن أهلية الأخير وإن كانت تخضع لقانون جنسيته إلا أن المشرع يعترف بها بمجرد إكماله ثماني عشرة سنة خالياً من أي عارض من عوارض الأهلية، وبغض النظر عن سن الأهلية المحدد في قانون جنسيته؛ والعلة من ذلك تكمن في رغبة المشرع بعدم الإضرار بحقوق الفلسطيني المتعامل مع التاجر الأجنبي في فلسطين خاصة في الأحوال التي يحدد فيها القانون الأجنبي سناً للأهلية أعلى من تلك التي يحددها القانون الفلسطيني.
وإذا كان سن الرشد يشكل القاعدة العامة لاكتساب صفة التاجر، فإن الاستثناء يتمثل بمزاولة الأعمال التجارية من قبل القاصر الذي بلغ سن الخامسة عشر طالما أنه حصل على أذن بذلك من قبل وليه أو وصيه وأن يكون هذا الأذن بترخيص من المحكمة.
أهم الأسئلة:
بين مدى صحة العبارات التالية مع التعليل
- يشترط لاكتساب صفة التاجر احتراف الأعمال التجارية الأصلية والتبعية.
- قيام المؤحر بتحرير كمنبيالات شهرية على المستأجرين المتخلفين عن سداد الأجرة يعتبر اعتياد يرقى لمستوى الاحتراف ويكسب صاحبه صفة التاجر.
- يتشترط لاكتساب صفة التاجر أن يكون من يحترف الأعمال التجارية رجلاً وليس أمرأة.
- يكتسب صفة التاجر فقط الشخص الذي يتمتع بالجنسية الفلسطينية وفقاً لقانون التجارة الفلسطيني.
- صفة التاجر تقتصر على الشخص الطبيعي فقط دون الشخص المعنوي.
- يشترط في محل الاحتراف اللازم لاكتساف صفة التاجر أن يكون موافقاً للنظام العام والآداب
شكرا
المصادر لو تكرمتم
اسم المصدرلوسمحت
المصدر فين