الحماية القانونية للمحل التجاري (دعوى المنافسة غير المشروعة)
جدول المحتويات
حماية المحل التجاري
أهلاً بكم أصدقائي في مدونة آن مكس لكل جديد، كنا قد تكلمنا في الموضوعات السابقة عن شروط اكتساب صفة التاجر للشخص الطبيعي وللشخص المعنوي (الشركة)، ثم بعد ذلك تكلمنا في آثار اكتساب صفة التاجر (الالتزام بمسك الدفاتر التجارية، والقيد في السجل الجاري وشهر النظام المالي للزواج)، أيضاً تكلمنا عن الإفلاس والآثار المترتبة على الحكم بشهر الإفلاس وتكلمنا أيضاً في المحل التجاري والعناصر المعنوية للمحل التجاري واليوم بأذن الله سوف نستكمل ما تبقى من المحل التجاري وسنتطرق لـ الحماية القانونية للمحل التجاري.
الأصل أن المنافسة تعد حقاً يحميه القانون، حتى وإن ترتب عليها انحسار عملاء محل تجاري أو منتج معين وانجذابهم إلى محل آخر أو منتج آخر طالما قامت على وسائل مشروعة ونزيهة وراعت القوانين والعادات التجارية، لكن إذا خرجت المنافسة عن هذا كله أضحت غير مشروعة، وهنا لا بدَ من حماية المتضرر منها، ووسيلة ذلك دعوى المنافسة غير المشروعة، ومن الأسباب التي تدفع للجوء لوسيلة دعوى المنافسة غير المشروعة قيام تاجر بالاعتداء على علامة تجارية لآخر، الأمر الذي يحدث لبساً وخلطاً لدى جمهور المستهلكين ولدى صاحب العلامة ذاته، مما يدفعنا للتعرف إلى الوسيلة المتاحة للحماية من المنافسة غير المشروعة، وذلك على النحو الآتي:
ماهية المنافسة غير المشروعة
المشرع الفلسطيني مكّن صاحب المحل التجاري من ممارسة الحماية لمحله التجاري، وذلك باللجوء إلى دعوى المنافسة غير المشروعة، فما مفهوم هذه المنافسة وأساسها وصورها، سنبين كل ذلك على النحو الآتي:
- تعريف المنافسة غير المشروعة
تعددت الآراء المفسرة للمنافسة غير المشروعة، فهناك من عرفها بأنها “استخدام الشخص لطرق ووسائل منافية للقانون أو الشريعة أو العرف”، ويؤخذ على هذا التعريف أنه تعريف عام يتسع ليشمل سلوكيات لا تدخل ضمن المنافسة غير المشروعة، ذلك أنه لم يربط المنافسة بالمحال التجارية أو المنشآت الصناعية، مع العلم أنه حتى نكون أمام منافسة غير مشروعة لا بدَ من وجود تاجرين أو أكثر يمارسان حرفاً متماثلة أو متشابهة.
أيضاً عرفها آخرون بأنها “استخدام تاجر لطرق ووسائل منافية للقانون، والعادات الجارية في التجارة والصناعة، أو مخالفة للشرف والأمانة والاستقامة التجارية تجاه تاجر آخر بهدف الإضرار به”، ويؤخذ على هذا التعريف أنه تطلب في المنافسة غير المشروعة قصد التعدي والإضرار بالغير مع أنها تتحقق بمجرد اللجوء إلى وسائل غير مشروعة.
وهناك أيضاً من عرفها بحق بأنها “كل سلوك من شأنه المساس بمصالح التجارة أو تهديدها، متى كانت الوسيلة إلى ذلك تبتعد عن مبادئ وشرف مهنة التجارة وأخلاقياتها”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد اختلاف بين المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة، فنحن لا نؤيد من خلط بينهما، وادعى أن التفرقة بينهما لا أساسَ لها، ولا يترتب عليها نتائج قانونية, فالمنافسة غير المشروعة اكتسبت صفة عدم المشروعية كون الوسائل التنافسية المستخدمة فيها غير مشروعة، ولم يكن سبب عدم المشروعية عدم مشروعية المنافسة ذاتها, أما المنافسة الممنوعة، فإن المنافسة ذاتها تمتنع سواء تم استخدام وسائل مشروعة أو غير مشروعة، ويكون المنع بموجب نص قانوني أو باتفاق الطرفين، ومثال المنافسة الممنوعة باتفاق الطرفين التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل بعد انتهاء عمله، أما المنافسة الممنوعة بنص القانون فمثالها الواضح أنه في بعض المهن كالصيدلة قد يشترط المشرع على من يعمل بها الحصول على مؤهلات علمية معينة، فإذا قام الصيدلي بممارسة المهنة دون الحصول على الدرجة العلمية المطلوبة فإنه يكون قد خالف نصوص القانون، وأعتبر عمله من قبيل المنافسة الممنوعة بنص القانون.
أما عن تعريف المنافسة غير المشروعة في القانون، فقد عرفت المادة (71/1) من قانون التجارة الفلسطيني رقم (2) لسنة 2014 المنافسة غير المشروعة بأنها “يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية، ويدخل في ذلك على وجه الخصوص الاعتداء على علامات الغير أو على اسمه التجاري أو على براءات الاختراع، أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها، وتحريض العاملين في متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده، والإغراق، وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس في المتجر أو في منتجاته أو إضعاف الثقة في مالكه أو القائمين على إدارته أو في منتجاته.”
نلاحظ على المشرع عدم إيراده تعريف محدد للمنافسة غير المشروعة، حيث وضع قاعدة عامة، ثم أورد على هذه القاعدة عدة أمثلة، ونحن نؤيد مسلك المشرع في عدم إيراده تعريف محدد للمنافسة غير المشروعة؛ لأن وضع تعريف محدد لا ينسجم مع ما يسود التجارة من تطور علمي وفني, فقد يلجأ البعض إلى ابتكار وسائل جديدة للمنافسة غير المشروعة، وأن الصور الواردة على سبيل المثال تتيح للقاضي أن يضيف لها صوراً أخرى بالاستناد إلى القياس والاجتهاد في إطار القاعدة العامة.
- صور المنافسة غير المشروعة
وضع المشرع لدينا قاعدة عامة لما يعتبر منافسة غير مشروعة، ثم أورد أمثلة على هذه القاعدة، وكذلك فعلت اتفاقية باريس، وسنذكر أمثلة على ما يعتبر منافسة غير مشروعة كما يلي:
الصورة الأولى:
كافة السلوكيات التي من شأنها إحداث اللبس بين المحال التجارية أو منتجاتها ونشاطها، ويدخل ضمن ذلك، الاعتداء على علامة تجارية للغير أو على رسومه ونماذجه الصناعية أو على براءات الاختراع، أو اتخاذ المحل المنافس اسما مشابها لاسم محل منافس آخر.
الصورة الثانية:
إتباع وسائل تحقير وتشويه، وذلك بقيام أحد التجار بنشر معلومات كاذبة؛ الهدف منها التقليل من شأن وقيمة منافسه وبعث عدم الثقة والشك حول مشروعه التجاري أو منتجات هذا المشروع، ومثال ذلك الطعن في وطنية صاحب محل تجاري أو انتمائه القومي أو الادعاء بأنه على وشك الإفلاس أو أنه سيء السلوك، كذلك قد يصف منتجات منافسه أو سلعه بأنها رديئة أو ضارة بالصحة إلى غير ذلك من معلومات كاذبة تؤدي إلى انصراف زبائن هذا المحل عنه.
الصورة الثالثة:
إحداث اضطراب داخل المشروع أو المحل التجاري أو في السوق، فمن أسس نجاح أي مشروع تجاري العناية بالنظام الداخلي له، من حيث اختيار العمال والمستخدمين والفنيين، وقد يترتب على اختلال هذا النظام اضطراب في نشاط المتجر وانصراف زبائنه عنه، كأن يلجأ المنافس إلى إغواء العاملين في متجر منافس لترك العمل لدى منافسه والعمل لديه.
وقد يلجأ إلى إحداث اضطراب عام في السوق، أي إضعاف قدرة المشروعات المنافسة والتأثير على مدى الطلب والعرض في السوق، ومن الوسائل إلى ذلك أن يقوم تاجر بتخفيض أسعار منتجاته بشكل كبير بهدف جذب الزبائن لديه، وبعد تحقق الهدف يعود إلى رفع السعر.
دعوى المنافسة غير المشروعة
الاعتداء على المحل التجاري أياً كان نوعه يكون مبرراً للجوء للحماية التي قررها القانون، وهي تتمثل في دعوى المنافسة غير المشروعة، وعليه سنبين من خلال ثلاثة فروع دعوى المنافسة غير المشروعة من حيث أساسها وشروطها والآثار المترتبة عليها على النحو الآتي:
- الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة
تعددت الآراء الفقهية بشأن الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة، ويمكن إجمال أهم تلك الآراء على النحو الآتي:
الاتجاه الأول_ المسئولية التقصيرية:
يرى أنصار هذا الاتجاه أن دعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى مسئولية تقصيرية؛ لأن فعل المنافسة غير المشروعة يعتبر خطأ يلزم من ارتكبه بتعويض من لحقه ضرر، وبذلك كلتا الدعويين يرتكزان على أركان ثلاثة: الخطأ, الضرر, علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وانتقد هذا الرأي بأن المنافسة غير المشروعة قد تقوم رغم عدم وجود خطأ أو ضرر، حيث إن دعوى المسئولية التقصيرية دعوى علاجية تهدف لتعويض الضرر الواقع أو الضرر الذي سيقع حتماً، أما دعوى المنافسة غير المشروعة فقد يتجاوز غرضها تعويض الضرر إلى كونها وسيلة وقائية تهدف لمنع وقوع الضرر، كما أنه في بعض الأحوال قد تقوم رغم كون الضرر احتمالياً.
الاتجاه الثاني_ التعسف في استعمال الحق:
نتيجة للنقد الموجه للاتجاه الأول، ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى تأسيس المنافسة غير المشروعة على التعسف في استعمال الحق، وحجة هذا الرأي، أن المادة (71/2) من قانون التجارة الفلسطيني نصت “كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناتج عنها” فمعيار قيام الدعوى وفقاً لهذا النص عند أصحاب هذا الرأي هو إلحاق الضرر دون اشتراط الخطأ، ومن ثم تؤسس دعوى المنافسة غير المشروعة على مبدأ إساءة استعمال الحق، فإذا كان للتاجر الحق في أن ينافس التجار الآخرين، فإن هذه المنافسة يجب أن تبقى ضمن الحد المسموح به، والذي لا يضر بالتجار الآخرين، فإذا تعدى ذلك اعتبر متعسفاً في استعمال حقه.
وانتقد هذا الرأي بأن نظرية التعسف في استعمال الحق تقوم على أربعة معايير وفقاً للمادة (5) من القانون المدني الفلسطيني، حيث نصت بأنه “يعد استعمال الحق تعسفياً في الأحوال الآتية: 1- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. 2- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة. 3- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. 4- إذا كان من شأنه أن يلحق بالغير ضرراً غير مألوف.”
وبعد التأمل في هذه المعايير من قبل منتقدي هذا الاتجاه, ظهر لهم أن أحكام دعوى المنافسة غير المشروعة لا ينطبق عليها أي من المعايير السابقة حتى أظهرها، وقصدوا بذلك قصد الإضرار، فيرون أن قصد الإضرار يكمن في صميم كل منافسة ولو كانت مشروعة.
الاتجاه الثالث_ دعوى من نوع خاص:
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن دعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى من نوع خاص حيث إن الغاية من تنظيم هذه الدعوى هي حماية مصالح التجار المشروعة والمتمثلة في علاقاتهم مع عملائهم، ولن تتحقق هذه الحماية إلا من خلال تنظيم قانوني خاص يكفل منع وقوع المنافسة غير المشروعة، أو يوقفها إذا وقعت بالإضافة إلى التعويض عنها بصورة رادعة، وانتقد هذا الاتجاه بأن هذه الغاية لا تبرر القول باستقلالية دعوى المنافسة غير المشروعة.
الترجيح_ دعوى من نوع خاص:
نرجح الاتجاه القائل بأن دعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى من نوع خاص، ذلك أن دعوى المنافسة غير المشروعة وإن كانت تتشابه مع دعوى المسئولية التقصيرية، من حيث إن المشرع في قانون التجارة نص صراحة على الخطأ في المادة (71/1) حيث نصت “يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل..” ثم اُشترط لقيام المنافسة غير المشروعة وقوع الضرر، وأن يكون هذا الضرر نتيجة طبيعية لفعل المنافسة غير المشروعة، وذلك وفقاً للمادة (71/2) حيث نصت “كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناتج عنها”
ولكن رغم وجود هذا التشابه يجب مراعاة طبيعتها الخاصة الناجمة عن طبيعة الحق الذي تحميه وهو عنصر الاتصال بالعملاء وباقي الحقوق المعنوية للمحل التجاري ذات القيمة المالية، والتي تفترض وجود منافسة بين تاجرين.
كما أن هذه الدعوى لها شروط خاصة تتميز بها عن دعوى المسئولية التقصيرية، ذلك أن الخطأ فيها مقيد بمبدأ المخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية، أما الخطأ في المسئولية التقصيرية فلا يتقيد بسلوك معين، بل كل سلوك أضر بالغير يلزم فاعله بالتعويض.
يضاف إلى ذلك، أن الحق المعتدى عليه في دعوى المنافسة غير المشروعة (العلامة التجارية مثلاً) ليس مجرد مال تم الاعتداء عليه بل أيضاً هناك اعتداء على حق المنافسة الشريفة، وإن محل هذا الحق متعدد بحيث يشمل العناصر البشرية والمالية.
- شروط دعوى المنافسة غير المشروعة
سبق القول أن دعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى من نوع خاص، ومع ذلك فهي تتشابه مع دعوى المسئولية التقصيرية في شروطها، ولذلك سنركز فيما يتعلق بشروط هذه الدعوى على ما نراه مختلفاً عن القواعد العامة على النحو الآتي:
أولاً_ الخطأ:
حتى يكون هناك خطأ تقوم عليه دعوى المنافسة غير المشروعة ينبغي أن يتوافر في هذا الخطأ أمرين: أولهما توافر منافسة بين تاجرين، وثانيهما أن يكون وسيلة هذه المنافسة غير مشروعة:
1- أن يكون هناك منافسة بين تاجرين:
لا تقوم دعوى المنافسة غير المشروعة إلا إذا وجدت حالة منافسة بين تاجرين يمارسان نوعاً واحداً أو متشابهاً من الأعمال التجارية أو يستعملان علامة تجارية واحدة أو متشابهة، أو غير ذلك من عناصر المحل التجاري.
والتشابه قد يصل إلى حد التطابق، وربما لا يكون التشابه متطابقاً، وفي هذه الحالة يجب إثبات أن التشابه كان بدرجة كافية تؤدي إلى الخلط في ذهن جمهور المستهلكين، ويرجع أمر البت في مسألة وجود تشابه من عدمه، وبالتالي حدوث التباس من عدمه إلى قاضي الموضوع.
2- أن تكون المنافسة غير مشروعة:
لا يكفي أن تكون هناك حالة منافسة بين تاجرين حتى تقوم دعوى المنافسة غير المشروعة، بل يجب أيضاً أن يكون أحد التاجرين قد استخدم وسائل غير مشروعة في المنافسة.
وقد اختلف الفقه حول معيار اعتبار الفعل غير مشروع، فذهب بعضه إلى أنه يعتبر غير مشروع كل فعل يخالف القانون بمعناه الواسع، وذهب آخرون إلى أن الأفعال غير المشروعة غير محصورة، ولكن يمكن إرجاعها إلى ثلاث صور: أعمال من شأنها إحداث اللبس بين المتاجر, ادعاءات غير مطابقة للحقيقة، أعمال تهدف إلى بث الاضطراب في مشروع منافسه أو في السوق.
ونتفق مع بعض الفقهاء أنه وفقاً للقاعدة العامة في قانون التجارة الفلسطيني، فإن معيار عدم مشروعية المنافسة غير المشروعة، هو ارتكاب سلوك يتعارض مع العادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية، وهو معيار واسع وفضفاض يمكّن القضاء من إضافة صور عديدة لتلك التي أوردها قانون التجارة الفلسطيني في المادة (71/1) والتي جاءت على سبيل المثال لا الحصر.
ثانياً_ الضرر وعلاقة السببية:
لا يمكن إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة والمطالبة بالتعويض إلا إذا أدت أفعال المنافسة إلى إحداث ضرر للتاجر المنافس الذي وقع الاعتداء على محله التجاري.
وهناك من يرى بحق أن الاعتداء على المحل التجاري يسبب ضرراً مادياً ومعنوياً لمالك المحل، بل أن هذا الاعتداء قد لا يلحق ضرراً مادياً بمالك المحل، إلا أنه يمس سمعة مالك المحل ويشوه سمعته أو منتجاته.
وبعض الفقه يكتفي لقيام دعوى المنافسة غير المشروعة بالضرر المحتمل، ولا يشترط أن يكون الضرر حالاً، وحجته في ذلك صعوبة إثبات الضرر في دعوى المنافسة غير المشروعة، حيث إن الأخير يتمثل غالباً في انصراف عدد من العملاء في حالة وقوع تعدٍ على المحل التجاري، وبالتالي لا يمكن الجزم بأن هؤلاء العملاء كانوا سيستمرون في التعامل حتى ولو لم يقع التعدي على المحل، بل أيضاً هناك حالات من أفعال المنافسة غير المشروعة لا ينتج عنها ضرر، ولذلك تقوم دعوى المنافسة غير المشروعة لإزالة الوضع غير المشروع بالنسبة للمستقبل عبر ما يُدعى بوقف الاعتداء.
ونتفق مع بعضهم الآخر أنه حتى يمكن رفع دعوى المنافسة غير المشروعة يشترط أن يكون الضرر حالاً أو مستقبلاً إذا كان وقوعه مؤكداً، أما الضرر المحتمل فإنه وفقاً للقواعد العامة لا يكفي لإقامة دعوى المنافسة غير المشروعة.
كذلك يلزم توافر علاقة سببية بين الخطأ والذي يتمثل في التعدي على المحل التجاري والضرر، أما إذا انتفت علاقة السببية بين فعل المنافسة غير المشروعة والضرر نتيجة خطأ المضرور أو خطأ الغير أو لأي سبب أجنبي فهنا تنتفي المسئولية.
- آثار دعوى المنافسة غير المشروعة
يجوز لكل شخص لحق به ضرر جراء التعدي محله التجاري، أن يرفع دعوى المنافسة غير المشروعة، ويستوي في هذا الشخص (رافع الدعوى) أن يكون مالكاً للمحل التجاري أو غير ذلك كالمستهلكين مثلاً.
ويرفع المتضرر دعوى المنافسة غير المشروعة إذا توافرت شروطها على من قام بالاعتداء على المحل التجاري، وعلى من اشترك في ارتكاب هذا الفعل، ويعتبر كل المشتركين في هذا الفعل متضامنين بالتزامهم تجاه المتضرر.
أما بالنسبة للجزاءات التي يمكن أن يقضي بها القاضي لصالح رافع دعوى المنافسة غير المشروعة، فقد نصت المادة (71/2) من قانون التجارة الفلسطيني “كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناتج عنها وللمحكمة أن تقضي فضلاً عن التعويض بإزالة الضرر ونشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى الصحف اليومية.” ويظهر لنا من النص أن الجزاءات الناتجة عن دعوى المنافسة غير المشروعة هي كالتالي:
أولاً: إذا تحققت شروط دعوى المنافسة غير المشروعة تقضي المحكمة لكل من أصابه ضرر جراء سلوك التعدي على المحل التجاري بالتعويض، ويكون التعويض وفقاً للقواعد العامة، أي يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، فيشمل مصاريف الدعاية والإعلان التي قام بها المدعي، ولكنها لم تنتج أثراً بسبب التعدي على محله، وكذلك يشمل مقابل التعدي على ما يتمتع به من سمعة طيبة لدى جمهور المستهلكين وعلى نشاطه التجاري، بالإضافة لأي مصاريف يكون قد دفعها لغاية إثبات التعدي محله التجاري.
ثانياً: يجوز أيضاً للمحكمة أن تحكم بالإضافة إلى التعويض النقدي بالتنفيذ العيني لالتزام المدعى عليه، وذلك بأن تأمر بوقف الاعتداء على المحل التجاري؛ وتهدف المحكمة من ذلك إلى منع وقوع اللبس لدى الجمهور.
ونرى أن إعطاء سلطة تقديرية للقاضي فيما يتعلق بالتنفيذ العيني لالتزام المعتدي على المحل التجاري، وجعلها خياراً ثانياً أمراً ينافي الصواب، ذلك أننا نرى أن الأفضل فيما يتعلق بالاعتداء على المحل التجاري أن يقضي القاضي بالتنفيذ العيني للالتزام، ثم بعد ذلك إذا استحال التنفيذ والتعويض العيني يلجأ إلى التعويض النقدي، أي مثل المسئولية العقدية التي يعتبر الأصل فيها التنفيذ العيني، ويبرر ذلك طبيعة الإضرار التي تنتج عن التعدي على المحل التجاري، والتي تتمثل في نفور جمهور العملاء عن المحل التجاري المعتدى عليه، وتحولهم إلى محل المعتدي، ولذلك نأمل من المشرع تعديل نص المادة (71/2) من قانون التجارة الفلسطيني على النحو الآتي “كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناتج عنها وعلى المحكمة أن تقضي فضلاً عن التعويض بإزالة الضرر ولها نشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى الصحف اليومية”
ثالثاً: كذلك للمحكمة أن تقضي بنشر الحكم الخاص بدعوى المنافسة غير المشروعة، سواء نشر الحكم بأكمله أو ملخص عنه، ويتم النشر في جريدة يومية أو عدة جرائد في فترة معينة، أو عن طريق تعليق نسخة من الحكم في أماكن معينة كساحة المحكمة أو أي مكان يتواجد فيه الجمهور، وتقع مصاريف النشر على عاتق المحكوم عليه؛ والحكمة من النشر هي رد اعتبار المدعي، ولإطلاع العملاء والجمهور على أن هذا التاجر كان ضحية اعتداء على علامته التجارية.
فيديو توضيحي حول حماية المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة
وأخيراً نتمنى لكم الاستفادة الكاملة من موضوع الحماية القانونية للمحل التجاري. وإذا كان لديكم أي استفسار فيمكنكم التواصل معنا من خلال التعليقات، ويمكنكم أيضاً زيارة المدونة من هنا للاطلاع على مزيد من المواضيع.