ماهية المحل التجاري في القانون وخصائصه وعناصره المادية

خصائص المحل التجاري, تعريف المحل التجاري في القانون المصري, المحل التجاري في النظام السعودي, ماهي المحلات التجارية, بحث عن تصميم المحلات التجارية,

 

أهلاً بكم أصدقائي في مدونة آن مكس لكل جديد، كنا قد تكلمنا في الموضوعات السابقة عن شروط اكتساب صفة التاجر للشخص الطبيعي وللشخص المعنوي (الشركة)، ثم بعد ذلك تكلمنا في آثار اكتساب صفة التاجر (الالتزام بمسك الدفاتر التجارية، والقيد في السجل الجاري وشهر النظام المالي للزواج)، أيضاً تكلمنا في الموضوع الأخير عن الإفلاس والآثار المترتبة على الحكم بشهر الإفلاس واليوم سوف نتكلم حول موضوع المحل التجاري.

المحل التجاري في القانون (خصائص المحل التجاري وعناصره)

تعريف المحل التجاري:

قام المشرع لدينا بوضع تعريف للمحل التجاري، حيث نصت المادة (35/1) من قانون التجارة الفلسطيني “المتجر مجموعة من الأموال المنقولة تخصص لمزاولة تجارة معينة، ويجب أن تتضمن عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية.”
ولكن نرى أن التعريف الذي أوردته المادة (35) من القانون التجاري الفلسطيني للمحل التجاري يشوبه القصور، من حيث إنه لم يبين طبيعة هذا المحل، ولم يقف على أهم خصائصه.

 

 

ولذلك نتفق مع من يعرف المحل التجاري بأنه ﻤﺎل ﻤﻨﻘﻭل ﻤﻌﻨﻭي ﺘﻨﻁﻭي ﺘﺤﺘـﻪ ﻤﺠﻤﻭﻋـﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴـﺔ المستقلة عنه، ويخصص كوحدة واحدة ﻟﻐـﺭﺽ ﺍلإستغلال ﺍﻟﺘﺠـﺎﺭي ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻨﺎعي.

خصائص المحل التجاري:

يمكن لنا الوقوف من خلال التعريف السابق على أهم خصائص المحل التجاري، وذلك على النحو الآتي: 

أولاً: المحل التجاري مال منقول

أي أن المحل التجاري يشمل منقولات مادية كالبضائع والمهمات والآلات، ومنقولات معنوية كعنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والاسم التجاري والعلامة التجارية وغيرها.
وتطبيقاً لذلك المحل التجاري لا يقصد به المكان الذي يباشر فيه التاجر نشاطه التجاري بل إن العقار لا يعتبر من العناصر المكونة للمحل التجاري.
كما أنه إذا باع الشخص محله التجاري فإن البيع يسري عليه أحكام بيع المنقولات، وإذا أوصى التاجر بجميع منقولاته إلى شخص آخر فإن المحل التجاري يدخل ضمن الوصية، ولا يخضع بالتالي للقواعد القانونية التي تحكم العقار.

ثانياً: المحل التجاري منقول معنوي

المحل التجاري وإن كان يتكون من عدة عناصر بعضها مادي وبعضها معنوي إلا أنه هو ذاته مال معنوي، وذلك لتغليب العناصر المعنوية باعتبارها تمثل القيمة الاقتصادية للمحل التجاري، كما يمكن تبرير ذلك بأن هذه العناصر المادية وحتى المعنوية لا تمثل المحل التجاري بل هو مال ناجم عن تآلف العناصر معاً، فهو وحدة واحدة متميزة ومستقلة عن العناصر التي تكونه، ولها قيمة مالية متميزة عن قيمة كل عنصر من هذه العناصر.
وترتيباً على ذلك لا يخضع المحل التجاري للأحكام القانونية الخاصة بالمنقول المادي، ومن أهم هذه الأحكام قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، وعليه إذا حصل تنازع بين عدة مشترين فالأفضلية لأسبقية تاريخ العقد، ولا عبرة لتاريخ وضع اليد على المحل التجاري.

ثالثاً: المحل التجاري مخصص للاستغلال التجاري

لا يوجد المحل التجاري قانوناً إلا إذا خصص للقيام بنشاط تجاري، أما إذا كان المحل يستغل لمزاولة نشاط مدني فإنه لا يعد محلاً تجارياً حتى وإن تضمن عناصر المحل التجاري مثل الاتصال بالعملاء وكذلك العناصر المادية مثل الأثاث والآلات والمهمات، فمثلاً لا تعد مكاتب المحامين والمهندسين وعيادات الأطباء محلات تجارية، لأنها مخصصة لممارسة مهنة مدينة.

ولا يكفي لوجود المحل انه يخصص للقيام بنشاط تجاري، وإنما ينبغي فوق ذلك أن يكون هذا النشاط مشروعا، أي غير مخالف للقانون والنظام العام، وتطبيقاً لذلك لا يعد محل تجاري محال لعب القمار أو المتاجرة في الأسلحة خلافاً للقانون أو بيوت الدعارة.

الطبيعة القانونية للمحل التجاري:

اختلف الفقه في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري، وبما أن هذا الأخير يتكون من عناصر مادية وأخرى معنوية، فقد أثير التساؤل حول ما إذا كانت هذه العناصر تشكل وحدة واحدة، وتعتبر في مجملها مالاً مستقلاً عن العناصر الداخلة في تكوينه؟
استقر الرأي في الفقه والقضاء على أن المحل التجاري هو وحدة واحدة مستقلة عن العناصر المكونة له، ومع ذلك فقد أثير الخلاف بين الفقه حول التكييف القانوني للمحل التجاري؛ وعلّة هذا الخلاف هو ما يتميز به من أحكام، لهذا ظهرت عدة نظريات في هذا الشأن يمكن إرجاعها إلى ثلاث نظريات، وتفصيل ذلك كما يلي:
أولاً: نظرية المجموع القانوني
يرى أصحاب هذه النظرية أن المحل التجاري هو وحدة مستقلة لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة التاجر، فهو مجموعة عناصر معنوية منفصلة عن ذمة التاجر المالية تستقل بحقوقها والتزاماتها عن بقية حقوق والتزامات التاجر، وتطبيقاً لهذه النظرية ينفرد دائنو المحل بالتنفيذ عليه دون مزاحمة من الدائنين الآخرين للتاجر، كذلك يترتب على هذه النظرية أنه ليس للدائن ضمان عام إلا على أموال الذمة التي يسكن دينه في ناحيتها السلبية.
ولقد اتبع هذه النظرية بعض التشريعات مثل التشريع الألماني، حيث أصبح المحل التجاري شخص اعتباري له حياة خاصة مستقلة عن حياة التاجر، وله نفس الحقوق والالتزامات الموجودة عند أي شخص معنوي.
ولكن هذه النظرية انتقدت، ولا يمكن أن تكون ضمن التشريع الفلسطيني، وهذا لأن المشرع الفلسطيني أخذ بمبدأ وحدة الذمة، أي أن التاجر لا تكون له إلا ذمة مالية واحدة تضم جميع أمواله، وذلك استناداً إلى نص المادة (246) من القانون المدني الفلسطيني، والتي تنص على أن “أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه”، كما أن المشرع الفلسطيني لم يعتبر المحل التجاري من ضمن الأشخاص المعنوية.

ثانياً: نظرية المجموع الواقعي

يرى أصحاب هذه النظرية أن المحل التجاري ليس سوى مجموعة واقعية من الأموال، أي اجتماع عدة عناصر مادية ومعنوية بقصد مباشرة استغلال تجارى دون أن يترتب على ذلك استقلال في الذمة المالية أو الوجود القانوني، ويترتب على هذا الاتجاه أن التنازل عن المحل التجاري لا يترتب عليه التنازل عن الحقوق والالتزامات، ويؤخذ على هذه النظرية أن القانون لا يعرف اصطلاحاً يسمى المجموع الواقعي.

ثالثاً: نظرية الملكية المعنوية

هذه النظرية تفترض أن المتجر ما هو في الحقيقة إلا عنصر واحد أساسي وهو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية وهو العنصر الجوهري، أما باقي العناصر فهي وسائل لوجود هذا العنصر، وأن حق التاجر على محله ليس إلا حق ملكية معنوية.
والملكية المعنوية للمحل التجاري هي نوع من الملكية الفكرية تسمى بالملكية التجارية، فكما يكون لصاحب العلامة التجارية حق ملكية صناعية على علامته التجارية فإن صاحب المحل التجاري له ملكية تجارية على محله التجاري، وهذه الملكية تخوله أن يحتكر استغلال المحل التجاري، وأن يتمتع بالحماية القانونية المخصصة له (دعوى المنافسة غير المشروعة).
ونرى أن هذه النظرية هي الأكثر توافقاً مع قانون التجارة لدينا الذي قرر بأن المحل التجاري مجموعة من الأموال المنقولة تخصص لمزاولة تجارة معينة، ويجب أن تتضمن عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، وأن من آلت إليه ملكية المتجر لا يحل محل المتصرف في الحقوق والتعهدات الناشئة عن العقود المتصلة بالمتجر إلا إذا اتفق على غير ذلك، وتبقى ذمة المتصرف مشغولة بالديون المتصلة بالمتجر والتي يكون تاريخ إنشائها سابقاً على شهر التصرف إلا إذا أبرأه الدائنون.

عناصر المحل التجاري: 

عناصر المحل التجاري تقسم إلى قسمين:

القسم الأول: العناصر المادية كالبضائع والأثاث والآلات والأجهزة والمعدات وغيرها من المهمات اللازمة لاستغلال المتجر. 

 

القسم الثاني: العناصر المعنوية كالاتصال بالعملاء والسمعة التجارية وحقوق الملكية الفكرية وتراخيص الاستغلال والصناعة والحق في الإيجار. 

 

وهذا التعداد الوارد في القانون التجاري ليس تعداداً حصرياً، بل هو وارد على سبيل المثال، كما أنه لا يشترط لوجود المحل التجاري توافر جميع هذه العناصر، إذ إن تحديد العناصر التي يتكون منها المحل التجاري يختلف تبعاً لنوع التجارة، فمثلاً المحل التجاري الخاص بمشروع الوكالة التجارية لا يوجد فيه بضائع أو آلات، والمحل الذي يمارس فيه التاجر التجارة في عقار مملوك له ليس لا يوجد فيه الحق في الإجارة وهو عنصر معنوي من عناصر المحل التجاري.
ومع ذلك هناك بعض العناصر لا بد من توافرها لأي محل تجاري، وهي تمثل الحد الأدنى اللازم لقيام المحل التجاري كالاتصال بالعملاء والسمعة التجارية بالإضافة لأي عنصر آخر كما سنرى فيما بعد.

القسم الأول: العناصر المادية للمحل التجاري

العناصر المادية هي بحسب الأصل عناصر غير أساسية في المحل التجاري، ولا تكفي العناصر المادية لوحدها لتكوين المحل التجاري، لذلك إذا تم بيع أو رهن العناصر المادية كلها أو جزء منها دون أن يشمل البيع أو الرهن أي عنصر معنوي فلا يعتبر العقد قد انصب على محل تجاري ولا تطبق بشأنه الأحكام الخاصة بالمحل التجاري، وبالمقابل فإن عدم وجود العناصر المادية لا يخل بوجود المحل التجاري.
ولكن قد تكون ﻻ ﺗﻘﻞ العناصر المادية في أهميتها ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟـﻤﻌـﻨﻮﻳﺔ، ﺑـﻞ ﺃﺣـﻴﺎﻧﺎً ﺗﻜـﻮﻥ ﺍﻟﻌـﻨﺎﺻﺮ المادية نواة ﻟـﻘـﻴـﺎﻡ ﺍلمحل ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻭﻣـﺒﺎﺷﺮﺓ استغلاله، ﺧـصوﺻﺎً عندما ﺗكون هذه ﺍلعناصر المادية ﻋـﻠﻰ ﺩﺭﺟـﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺘﻤـﻴﺰ ﻭﺍﻟـﺘـفوﻕ ﺍﻟـﻔني ﻭﺍﻟـﺘـﻜـﻨـولوجي، بحيث ﺗﺮﻓـﻊ ﻣـﻦ قدرة المحل ﺍﻟﺘـﺠﺎﺭﻱ.

وتتمثل العناصر المادية للمحل التجاري فيما يلي:
أولاً: المهمات أو العدد الصناعية أو الأثاث

وهي أموال منقولة مخصصة لاستغلال المحل التجاري كالأدوات والآلات المستعملة في استغلال المحل التجاري، كذلك الخزائن والرفوف لعرض البضائع بأحسن طريقة، وسيارات العمل التي يستعملها التاجر لنقل البضائع أو التي يستعملها أساساً إذا تعلق الأمر بمؤسسة النقل.

ثانياً: البضائع

ويقصد بالبضائع المنقولات المعدة للبيع, سواء كانت كاملة الصنع أو نصف مصنعة أو مادة أولية، وسواء كانت موجودة في ذات المكان الذي يزاول فيه التاجر تجارته أو كانت موجودة في مخزن في مكان أخر.
وهذا العنصر تختلف أهميته بحسب نوع التجارة, فهو يعد بالنسبة لتجارة معينة عنصراً أساسياً من عناصر المحل التجاري كما في تجارة المواد الغذائية, وقد يكون ضئيل الأهمية بالنسبة لتجارة أخرى كما في أعمال المصارف أو مكاتب الوكالة.

ونخلص إلى أن كلاً من البضائع والمهمات هي منقولات مادية، ولكن الفرق بينها يتمثل في الغرض من كل منهما، فالبضائع هي منقولات معدة للبيع للعملاء، أما المهمات فهي غير معدة للبيع للعملاء، وإنما هي مخصصة لتسهيل وتسيير النشاط التجاري، لذا فإن الشيء نفسه قد يكون أحياناً من البضائع وأحياناً أخرى يعد من المهمات، فمثلاً السيارات تعتبر من البضائع بالنسبة لمعرض السيارات، بينما تعد من المهمات بالنسبة لمحل تجاري يستخدمها في نقل البضائع أو العمال، وكذلك المحروقات كالفحم والبترول والزيت فهي تعد من البضائع إذا كانت معدة للبيع، ولكنها تكون من المهمات إذا كان الغرض من وجودها هو تشغيل الآلات الموجودة في المحل التجاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!